recent
أخبار ساخنة

سلسلة القطر الندي من أدعية النبي ﷺ (5)

 سلسلة القطر الندي من أدعية النبي ﷺ (5)

أدعية النبي
                       لتحميل شرح الدعاء صوتيا:

لتحميل التفريغ الكتابي للدعاء:







الدعاء الخامس


 «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ ‌الهَمِّ ‌وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»

متى يقال هذا الدعاء؟

"فكنت أسمعه يكثر أن يقول" ولاحظوا دلالة يكثر، أن النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء، ولذلك بعض أهل العلم وضع هذا الدعاء في أذكار الصباح وأذكار المساء. 
فهذا الحديث له مفرداتٌ كثيرة نشرح مفرداته ثم بعد ذلك نشرح تراكيبه.

معناه من حيث المفردات 

 الهم هو المكروه المؤلم الذي يكون في القلب على أمرٍ مستقبل. 
يخاف مستقبلاً آتياً، يخاف فوات دراسةٍ، يخاف فوات منحةٍ جامعيةٍ، يخاف موت أبويه فهذا يسمى حزناً، أن تأخذ هماً لشيءٍ آتٍ مستقبلياً فهذا يسمى الهم.

 أما الحزن فهو المكروه المؤلم على القلب على أمرٍ قد مضى.
أي مضت به سنون صعبة ومرت به أحداث مفجعة ومرت به أحوال صعبة فلا تزال تصب نيران الألم على قلبه، ولا ينساها وتعود على الذاكرة مرةً بعد مرة وكرةً بعد كرة. لا شك أن هذا مما ينغص الحياة ويجعل فيها الكدر.

 العجز هو عدم القدرة من الأصل.
الكسل فهو التثاقل مع وجود القدرة. من يكون سليم البدن لكن لا يذهب إلى الصلاة كسلاً.
 والبخل معروف.

الجبن فهو أن يكون الإنسان لا يقدم على شيءٍ يستولي الخوف عليه.
 وضلع الدين ثقل الدين.

وغلبة الرجال قهر الرجال أن يقهره الرجال بالتسلط عليه.

وأما معناه من حيث التراكيب

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن
 فهذان الأمران استعاذ منهما النبي صلى الله عليه وسلم لما فيهما من شدة الضرر على البدن وإذابة قواه ، يذيب البدن ويشوش فِكرَه وكذلك العقل ، والانشغال بهذين الأمرين (الهم لأمر مستقبليٍ والحزن على أمرٍ قد مضى) يجعل حياة الإنسان مكدرةً ويجعل فؤاده منشغلا ، وربما يشغله عن الطاعات والواجبات .. هذا الهموم في شأن الدنيا
أما الهموم في شأن الاخرة لا بأس به لكن لا يذهب به الحد الذي يذهب بالعقل والفكر والخاطر، أما الهم لأمر الاخرة باعتدال فهذا مما يجيل الإنسان في الطاعات ويبعث نفسه بالجد في العمل ومراقبة الله تعالى، لذلك قال النبي: «‌مَنْ ‌جَعَلَ ‌الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا، هَمَّ الْمَعَادِ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ».
أخرجه ابن ماجه والحاكم وغيره وصححه الألباني.

 والعجز عدم القدرة على فعل الشيء.
 فعدم القدرة هو أن يكون الإنسان مسلوب القدرة مقعداً لا يستطيع القيام للصلاة مريضاً لا يستطيع الذهاب لزيارةٍ لصلة رحمٍ.. هذا يسمى عجزاً.
 والكسل فإنه التثاقل عن الفعل مع القدرة عليه.
 كما قلنا تكون أعضاء الإنسان سليمة وظروفه جيدة لكن يتثاقل ويتباطأ أن يفعل هذا الشيء
 والعجز والكسل هما مفتاح كل شر.

وأما الجبن الذي هو بمعنى الخور والضعف وعدم القوة فاستعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم:
1. لأنه يحمل الإنسان على التقصير في أداء الواجبات والقيام بحقوق الله وإزالة المنكر.
2. الإنسان لا يقوى على فعل الخيرات إلا بشجاعةٍ من النفس وقوةٍ معتدلةٍ تتم بها العبادات.
3. إذا كان جبانا فإنه لا يستطيع أن ينصر المظلوم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من هذا لتكمل صفاته في كل أحواله وشرعه. 

والبخل هو رأس كل آفة.
لأنه يحمل الإنسان على المنع والتقصير في القيام بحقوق المال من حقوق الزوج والولد ومن حقوق كل ما أوجبه الله على الإنسان، من الزكاة والصدقة ونحو ذلك وذلك بسبب الطمع الذي في نفسه.

وضلع الدين شدته وثقله 
فالدين ثقيل:

1. لأنه يميل بالإنسان عن الاستواء والاعتدال ، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ منه. 
2. كما تقول العرب: (أما ترى أن الرجل إذا استدان فإنه يحدث فيكذب ويعد فيخلف) الإنسان مباح له أن يتحمل الدين في الشيء الضروري الذي يكون فيه حاجة قائمة ، أما الاستدانة لأجل كماليات الحياة فهذا أمرٌ غير محمودٍ ، فإن الإنسان يستدين فيما من حقه أن يكون من شؤون الحياة العظيمة ونحو ذلك ، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من ضلع الدين. 
3. وأيضاً العرب تقول: (الدين همٌ بالليل وذلٌ بالنهار)
همٌ بالليل لأنه يمنع الإنسان النوم، المَدين يخاف أن يشتكونه إلى الشرطة وإلى العمدة وإلى كذا وكذا فيخاف هذا الأمر خوفاً شديدا. 
وذلٌ بالنهار لأنه يخشى في أي وقتٍ فجأةً أن يظهر له صاحب الدين ويحرجه أمام الناس أو يمسك بتلابيبه أو كذا. 
ولذلك كان بعض نساء السلف إذا هم زوجها بالخروج إلى المعاش تقول له :( اتق الله ولا تطعمنا إلا حلالاً فإننا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار).

 وهذا فيه ان المرأة لا ينبغي ولا يجوز لها أن تحرج زوجها بكثرة الطلبات والتشديد عليه "أعطني كذا.. أعطني كذا او استدن" وربما تأخذ المتيسر وتكون عشرتهم بالمعروف كما قال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ) (وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي ‌عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ).
  
وغلبة الرجال بأن يتسلط عليه الرجال بأن يظلموه وأن يغلبوه بغير حق.
1. وهذا يؤدي إلى وهنٍ في النفس وضعف فيها ونوع مذلة وهوان فيكون الإنسان بعد ذلك فاترًا عن الطاعة والعبادة. 
2. لأن هذا الخور وهذه الأحزان والأوهام تؤدي إلى الحقد وإلى الانتقام ونحو ذلك. 
فهذا شرح هذا الحديث بكل إجمالٍ وكل اختصار.
 ونسأل الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به القائل والسامعين أجمعين يا رب العالمين.




google-playkhamsatmostaqltradent