recent
أخبار ساخنة

أحاديث شهر رجب بين الصحة والبدعة

الصفحة الرئيسية

أحاديث شهر رجب بين الصحة والبدعة

شهر رجب

‏بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، معلم الناس الخير ومخرجهم بإذن ربه من ظلمات الجهل إلى نور الهداية، حذرنا من البدعة وحثنا على السنة. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين أما بعد.

دخلت علينا هذه الأيام يا أحبة شهر من الأشهر الحُرم وهو شهر رجب والذي قال الله فيه وفي باقي الأشهر الحرم: "فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أنفُسَكُم" 

أولًا يا أحبة أوصيكم ونفسي ببعض الوصايا فخذوها عني وبلغوها غيركم، نفعني الله وإياكم بها.

‏ابدأ وجاهد أن تختم في شهري رجب و شعبان ختمات صالحات ولو ختمتين تستقبل بهما شهر رمضان وذلك أدنى الكمال .

جاهد نفسك على الصيام وعودها ذلك، ليس الشهر كامل بل صم يوم واترك أو صم يومين في الاسبوع أو كما يتيسر لك فقد قال صلى الله عليه وسلم موصيًا رجلًا:

‏(صُمْ من الحُرُم واترُك)، رواه أحمد بإسنادٍ جيد، وشهرُ رجبٍ من الأشهر الحرم.
ولكن اعلم أنه ليس لصيامه فضل قد خص بعينه، قال الإمامُ الحافظُ شيخُ الإسلامِ شِهابُ الدِّينِ ابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ: "لم يَرِدْ في فضلِ شهرِ رَجَبٍ، ولا في صيامِه، ولا في صيام شيءٍ منه مُعيَّنٍ . ولا في قيامِ ليلةٍ مخصوصةٍ فيه: حديثٌ صحيحٌ يصلُحُ للحُجَّةِ، وقد سَبَقَني إلى الجزمِ بذلك الإمامُ أبو إسماعيلَ الهَرَويُّ الحافظُ".
تبيينُ العَجَبِ بما وردَ في شهرِ رَجَبٍ ( ص٢٣).
‏وقال الإمام ابن قيم الجوزية:
‏كلُّ حديثٍ في ذِكر صيام رجبٍ وصلاةِ بعض الليالي فيه فهو كذبٌ مفترًى !
‏المنار المنيف: ص96
‏واﺳﺘﺤﺐّ عمر بنُ الخطابِ رضي الله عنه وغيرُه من الصحابة الاﻋﺘﻤﺎﺭَ في شهر ﺭﺟﺐٍ ‏فقد ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔُ وابنُ عمرَ رضيَ الله عنهما يعتمرانِ في شهر رجب

‏ﻭﻧَﻘﻞ اﺑﻦُ ﺳﻴﺮﻳﻦَ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا يعتمرون في شهر رجب

‏ذكره ابنُ رجبٍ في كتابه لطائف المعارف: ص232

وفي حديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الزَّمانُ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَةِ يَومَ خَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ ..الحديث) أخرجه البخاري (4406 )، ومسلم (1679)

شرح الحديث: في هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : أي إنَّ الزَّمانَ في انْقِسامِهِ إلى الأعْوامِ، والأعْوامَ إلى الأشْهرِ، عادَ إلى أصلِ الحِسابِ والوَضْعِ الَّذي اختارهُ الله ووَضَعَهُ يَومَ خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ.

السَّنةُ اثْنَا عَشَرَ شَهرًا منها أربعةٌ حُرُمٌ؛ ثلاثةٌ مُتَوَالِياتٌ: ذو القَعْدَةِ للقُعودِ عنِ القِتالِ، وذُو الحِجَّةِ للحَجِّ، والمُحَرَّمُ لتَحريمِ القِتالِ فيهِ، ووَاحدٌ فَرْدٌ،

وهو رَجَبُ مُضَرَ لأنَّها كانتْ تُحَافِظُ على تَحريمِهِ أشدَّ منْ مُحافظةِ سائرِ العربِ، ولمْ يَكُنْ يَسْتَحِلُّهُ أحدٌ منَ العربِ، الَّذي بين جُمَادَى وشَعْبانَ.

ومن حرمة هذه الأشهر أن الأعمال فيها مضاعفة الجزاء، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، لذلك أكّد النهيَ عن الظلم فيها، قال تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)

والظلم هنا يشمل المعاصي كلها؛ كبيرها وصغيرها، بترك الواجبات وفعل المحرمات، مما يتعلق بحقوق الخالق والمخلوق، وكلها ظلمٌ للنفس،

لأنها هي التي تُعاقب بجريرة ما كسبت، ولا يضر اللهَ شيئًا. فتعظيم هذه الأشهر يكون بزيادة التقوى والاجتهاد في العمل الصالح.

من البدع والمنكرات الواردة في شهر رجب :

قال الإمامُ ابنُ رجبٍ الحنبليُّ: فأمَّا الصَّلاةُ؛ فلم يصحَّ في شهرِ رَجَبٍ صلاةٌ مخصوصةٌ تختصُّ به، والأحاديثُ المَرويَّةُ في فضلِ صلاةِ الرَّغائبِ في أولِ ليلةِ جُمُعةٍ من شهرِ رَجَبٍ

 كذبٌ وباطلٌ لا تصحُّ، وهذه الصَّلاةُ بِدعةٌ عند جُمهورِ العُلَماءِ.

وأمَّا الصِّيامُ؛ فلم يصحَّ في فضلِ صومِ رَجَبٍ بخُصوصِه شيءٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا عن أصحابِه.

وأمَّا الزَّكاةُ؛ فقد اعتادَ أهلُ هذه البلادِ إخراجَ الزَّكاةِ في شهرِ رَجَبٍ، ولا أصلَ لذلك في السُّنَّةِ، ولا عُرِفَ عن أحدٍ من السَّلَفِ.

وكذلك احاديث الصدقة والتي تتحدث عن فضل الصدقة غير مخصوصة بشهر رجب عن غيره فإن الصدقه مشروعة في كل وقت .

وقد رُوِيَ أنَّه كان في شهرِ رَجَبٍ حوادثُ عظيمةٌ، ولم يصحَّ شيءٌ من ذلك.

لطائفُ المعارفِ ( ص٢٨٥ - ٢٨٦ - ٢٨٩ - ٢٩٠ ) باختصارٍ.

حديث «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان»، إسناده ضعيف جدًا، ضعفه جماعة من العلماء كالبيهقي والنووي وابن حجر.

‏وأما قولهم: "رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي" فليس بحديث !

أيضا من البدع المنكرة في هذا الشهر هي الاحتفال بما يسمى بليلة الإسراء والمعراج ليلة 27 من شهر رجب وسأفصل الحديث فيها .

الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج هو بدعة محدثة لم يفعلها أحد من صحابة النبي صلى الله عليه سلم ولا التابعين, وهم أحرص الناس على الخير والعمل الصالح فهذا يبين لنا السنة من البدعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا يعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها, لا سيما على ليلة القدر, 

ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها, ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت".

ومن المعلوم لدينا أن الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وسلم ولكن مع ذلك لم يشرع تخصيص ذلك الزمان ولا ذلك المكان بعبادة, وهذا غار حراء الذي ابتدئ فيه بنزول الوحي على الحبيب, 

وكان يتحراه قبل النبوة, لم يقصده هو ولا أحد من الصحابة رضوان الله عليهم بعد النبوة, ولم يخصّ اليوم الذي أنزل فيه الوحي بعبادة .

ومن خص الأمكنة والأزمنة بعبادات ليس لها أصل شرعي كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات كيوم الميلاد, ويوم التعميد, وغير ذلك من أحواله.

وهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رأى جماعة يتبادرون مكانًا يصلون فيه فقال: ما هذا؟ قالوا: مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، 

فقال: أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟! إنما هلك من كان قبلكم بهذا, فمن أدركته فيه الصلاة فليصل, وإلا فليمض .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد, أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها، والله سبحانه وتعالى أعلم".

وقال ابن الحاج: "ومن البدع التي أحدثوها فيه أعني في شهر رجب ليلة السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج....".

أيضًا من البدع التي أحدثوها في تلك الليلة كالاجتماع في المساجد, واختلاط النساء بالرجال, وزيادة وقود القناديل في المساجد, وكانوا يخلطون بين قراءة القرآن وقراءة الأشعار بألحان مختلفة . 

وذكَر الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ضمن المواسم التي نسبوها إلى الشرع وهي ليست منه.

ختاما يا أحبة من أحب الاستزادة في العلم عن بدع شهر رجب فهذه مقالةٌ ثمينةٌ نافعةٌ لفضيلة الشيخ عبدالرزاق البدر حفظه الله يمكنكم الرجوع لها من خلال الرابط .

http://al-badr.net/detail/FacW6YM0VQ

اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وأعنا على أنفسنا وارزقنا حسن العمل وحسن الختام وحسن المرجع والمآل.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 


google-playkhamsatmostaqltradent