recent
أخبار ساخنة

سلسلة القطر الندي من أدعية النبي ﷺ (1)

سلسلة القطر الندي من أدعية النبي ﷺ(1)




لتحميل المقطع صوتي :
هنا
لتحميل التفريغ الكتابي:
pdf
doc

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. 
حياكم الله وبياكم في السلسلة الجديدة التي رُصد لها عنوانٌ وهو
(بالقطر الندي من أدعية النبي).
نطوف بالقلب حول أدعية النبي صلى الله عليه وسلم شارحين معانيها متوقفين عند فوائدها مستنبطين من دلائلها. فهذه هي الحلقة الأولى من سلسلة القطر الندي من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم نلتقيكم فيها كل جمعةٍ بما ييسره الله ويتفضل به سبحانه وتعالى.

الدعاء الأول

هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :( اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأنا عَبْدُكَ، وَأنا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ "

 قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»
أي من قال هذا في أذكار الصباح ثم مات قبل أن يدخل المساء دخل الجنة ، ومن قاله في أذكار المساء ثم مات قبل الصباح دخل الجنة . 

هذا الدعاء يسمى سيد الاستغفار 
والسيد: هو أعلى الشيء ، وهو المتقدم على كل صيغ الاستغفار ، كل صيغ الاستغفار أفضلها هذه الصيغة فهو أعلاها في الفضيلة والرتبة وأشرفها .
والاستغفار: طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى أي طلب تغطية الذنب وستره من الله سبحانه وتعالى ، كما أن المحارب يلبس المغفر - الذي يوضع على الرأس ليحمي الإنسان من ضربات السيف وما يقع عليه - فكذلك الإنسان يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يغطي ذنبه فيغفره له سبحانه وتعالى.

هذا الدعاء قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: قد اشتمل هذا الحديث - يعني هذا الدعاء - من المعارف الجليلة ما استحق لأجلها أن يكون سيد الاستغفار 
فإن صدره اعتراف العبد بربوبية الله.

اللهم أنت ربي هذا اعترافٌ بربوبية الله ونعم الله على عبده من الخلق والرزق والإحياء وغير ذلك من نعم الله على عبده. 
ثم ثناها بتوحيد الألوهية وهي لا إله إلا أنت ، هذا عين التوحيد لا إله إلا الله لا معبود بحقٍ إلا الله . لا إله إلا الله وحده سبحانه وتعالى .

ثم أتبعه بالاعتراف بأن الله هو الذي خلقه و أوجده فقال : "خلقتني وأنا عبدك " خلقتني يا ربي أقر لك بأنك خلقتني فكل نعمةٍ وكل خيرٍ أنا فيه فإن أصله هو خلقتك لي .. أي أن الله سبحانه وتعالى لما خلقك تتابعت عليك النعم.
 
ثم بعد ذلك "و أنا عبدك " وهذا فيه بيان أن الإنسان هو عبدٌ لله سبحانه وتعالى ، فمتى خرج الإنسان من عبودية الله والإنابة إليه والخضوع له والتوكل عليه فقد أبق من سيده وشرد عن الله سبحانه وتعالى ، فإذا عاد إلى عبادة الله سبحانه وتعالى فقد عاد إلى مولاه وربه سبحانه وتعالى. فالله سبحانه وتعالى حقيقٌ بأن يتولى الإحسان إلى عبده لأنه خلقه ، لذلك يطلب بعد ذلك المغفرة.
 
وأيضا في قوله : "و أنا عبدك" اعترافٌ بالعبودية لله سبحانه وتعالى. 
وأنا على عهدك ووعدك أي أنا على ما عاهدتك عليه من العبودية والطاعة وامتثال المأمورات واجتناب المنهيات.. أنا يا ربي مقيمٌ على هذا العهد ، و "وعدك" أي يا رب أنا مصدقٌ لوعدك ، فإنك وعدت أنك تقبل التوبة عن عبادك وتمحو السيئات وتجزي على الطاعات.. أنا يا ربي مقر ومعترف ومقيم على هذا الوعد الذي قلته لأنك لا تخلف الميعاد يا رب العالمين.
 
ثم جاءت كلمة : "ما استطعت" يا رب أنا مقيمٌ لك على هذا العهد ما استطعت ، العهد الذي هو عهد الطاعة والامتثال.. يا ربي أنا مقيمٌ بحسب استطاعتي لا بحسب ما ينبغي لك يا الله وما تستحقه ، لأن العبد لا يستطيع أن يوفي أوامر الله كاملةً لا بد عند الانسان من قصور ، لا يستطيع الإنسان أن يكمل هذا كله كاملاً لكنه حسب الاستطاعة (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).


ثم بعد ذلك : "أعوذ بك من شر ما صنعت" أعوذ بك من شر ما صنعت ، يا ربي أنا اقترفت من الذنوب.. والذنوب هذه كلها شرٌ توجب العقوبة ، فأنا يا رب أعوذ بك و ألتجأ بك و أعتصم بك وأتحصن بك يا رب أن تعيذني من شر هذه الذنوب ومن شر ما قارفت .

 أبوء لك بنعمتك علي : ( أبوء ) أي : أقر وأعترف بنعمتك علي ، وهذه النعم التي أعترف بها فإن الاعتراف يا ربي هو جزءٌ من الشكر.. لأن الإنسان لا يمكن أن يشكر الله سبحانه وتعالى وهو لم يعترف بهذه النعمة ، فإذا أسداها لنفسه كما قال قارون : (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) فلا يمكن أن يشكر الله عليها . لكن المسلم المؤمن المقر لله سبحانه وتعالى بالتوحيد يعترف أنها من الله سبحانه وتعالى فيتسهل له الشكر ، فالاعتراف جزءٌ من الشكر.

 و أبوء بذنبي يا ربي أقر لك و أعترف بذنبي.. لا أجحد.. لا أكابر.. لا أقول كذا ولا أقول كذا.. يا ربي أنا مخطئ ، وهذا أول درجات الاعتذار ، أن تعترف بخطئك .

 فقدم هذه المقدمات بين يدي الله سبحانه وتعالى من الربوبية والألوهية والاعتراف بالإحسان في الخلقة وفي الخلق وما تبعه من إحسان والاعتراف بالعبودية والاعتراف أنه ما زال على عهد الله مصدقٌ لوعده وبين أنه مقيمٌ على هذا العهد مدة استطاعته وقدرة استطاعته ، ثم قدم بعد ذلك الاستعاذة والالتجاء لله سبحانه وتعالى من الذنوب والمعاصي ، ثم أقر لله بنعمه ثم أقر بذنوبه ، قدم هذه المقدمات الكثيرة ليطلب المغفرة ، فلذلك سمي هذا الدعاء (سيد الاستغفار ) . 

 وهذا هو ختام ما يقال في هذا الجزء الأول من هذه السلسلة التي نسأل الله عز وجل أن ييسر تمامها وكمالها.
 وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم:
 
فؤادي إذا ما المصطفى مر ذكره  ‏ يرف رفيف الأقحوان منورا ‏
تذكرته فارفض صبري وقوتي ‏ ولابد للمشتاقِ أن يتذكر ‏
ومن فاته لقيا النبي فما له ‏ كأخباره سلوى عن الفوت الافظع

أكثروا من الصلاة والسلام على النبي المختار ومن الدعاء لأنفسكم ولأهليكم ولأحبابكم ولأوطانكم ولأمة الإسلام أجمع. نسأل الله أن يديم الأمن والأمان ويتابع الخيرات على المسلمين ويوحد صفوف المسلمين ويكفينا شر الأشرار و كيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار .
وعليكم بجوامع الدعاء وأكثروا من الثناء على الله سبحانه وتعالى وتقديم الثناء بين يديه والاعتراف بنعمه ، قدموا كل ذلك بين يدي أدعيتكم مردفين ذلك بالصلاة على النبي فَـقَمِنٌ أن يستجاب لكم .
و صلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.


رابط الحلقة : 




google-playkhamsatmostaqltradent